حينما تكسر عظمة من عظام الإنسان فإن أول ما يشير به الطبيب هو أن تؤخذ لموضع الكسر صورة بأشعة X حتى يتمكن من رد العظمة لأصلها ... وإذا ابتلع طفل زراً أو دبوس مشبك فإنه تؤخذ له كذلك صورة بأشعة X لتعيين مكان الشيء الذي ابتلعه ويجري بعد ذلك عمل اللازم لإستخراجه ...
فللأشعة إذن أهمية قصوى في الطب والجراحة ... إذ تفتح نافذة للطبيب يطل منها داخل الجسم قبل أن يبدأ بمداوة العلة ، وذلك لما لهذه الأشعة من مقدرة عجيبة على التغلغل خلال الجسم ...
ولا يقتصر استعمال أشعة على ميدان الجراحة ، بل تؤدي هذه الأشعة العجيبة أغراضاً كثيرة في أغلب فروع الصناعة إذ تستعمل في الكشف عن عيوب الأجزاء المهمة في الطائرات قبل استعمالها ، وبذلك يؤمن الطيران وتمنع الحوادث التي يمكن أن تقع لولا تدارك مثل هذه العيوب .. كما تظهر لطبيب الأسنان أي الأسنان يحتاج للعناية والعلاج وأيها سليم ... كما تظهر للعيان العيوب الخفية في أواني الفخار الثمينة ، وكذلك في الكشف عن اللآلي وهي في محاراتها ، كما يمكن بواستطتها تمييز أوراق النقد المزيفة من الأوراق الحقيقية ...
ومع أن هذه الأشعة لم يسمع عنها قبل نحو خمس وثمانون عاماً تقريباً ، إلا أن الأغراض التي تستخدم فيها الآن لا تقع تحت حصر ...
كان " ولهلم فون رونتجن " أستاذاً للفيزياء في " ووارسبورج " بألمانيا ، وكان في الوقت ذاته نسَّاياً كبيراً ، ينسي موعد غذائه وينسي كثيراً مما يريد أن يقوم به ...
وفي يوم خرج لالتقاط بعض الصور الفوتوغرافية وعندما رجع إلى معمله وانهمك في تحميضها دعته زوجته لتناول غذاءه الذي نسى موعده .. وبعد تناول الطعام أكمل رونتجن تحميض الصور فظهرت كلها جيدة إلا واحدة ...
لقد كان وسطها خيال مفتاح كبير مصور معها ...
هذا غريب إنني لم أصور قط مفتاحاً ، ما أعجب هذا من أين أتت صورة هذا المفتاح ..؟؟
هكذا تمتم رونتجن ولكنه قال ربما يكون مفتاح مكتبي ومن ثم جدَّ في البحث عنه حتى التقط المجلد الضخم الذي كان موضوعاً على مكتبه وأخذ يهزه فسقط منه المفتاح ، ومن ثم جلس والمفتاح في يد والصورة في اليد الأخرى وراح يفكر ....
وهداه تفكيره إلى إعادة كل شيء على ماكان عليه عندما غادر المعمل ليتناول الطعام : اللوح الفوتوغرافي بإطاره والكتاب والمفتاح .. ثم وضع الأنبوبة الوضاءة فوق الكتاب وتركها مدة تعادل الوقت الذي استغرقه في تناول طعامه ...
وعندما حمض اللوح الفوتوغرافي حدث ما لم يكن في الحسبان .. ما الذي حدث ؟؟؟ لقد ظهرت صورة ظل المفتاح ثانية ... !! إنه كان في تخمينه على حق ...
هناك إذن أشعة خفية غير مرئية ... ما هي يا ترى ..؟؟
لعلها ضوء من نوع ما له تأثير الضوء العادي يخرج من تلك الأنبوبة كأشعة تتميز بقدرتها على اختراق الأجسام ، ولكنها لا يمكن أن تكون أشعة المهبط لأن هذه الأشعة لا تخرج من الأنبوبة ولا تخترق جدرانها ... ما عسى أن تكون إذن ؟؟
أخذ رونتجن يقوم بتجارب على الأشعة الجديدة باهتمام متزايد ، وأخذ يقدر الإمكانيات التي يمكن أن تخرج منها وسرعان ما صوَّر بها عظام يده ، وهكذا كشف للناس عن ميدان من أوسع ميادين استعمالها ...
ونظراً لجهل رونتجن بكنة هذه الأشعة التي اكتشفها وما هيتها أطلق عليها اسم أشعة " X " " لأن حرف هو رمز المجهول في اللغة الإنجليزية " وأسميناها نحن الأشعة السينية لأن حرف السين هو رزم المجهول في اللغة العربية ...
*%*إشعـــــــــاع اليـــورانيـــــــــوم*%*
في عام 1896 م وضع العالم الفرنسي " هنري بكريل " في أحد أدراج مكتبه ألواحاً فوتوغرافية حساسة مغلفة بورق أسود داخل صندوق من الورق المقوى ...
وحدث أن ترك سهواً قطعة من خام اليورانيوم في نفس الدرج ، فلاحظ أن الألواح قد تأثرت ...
واكتشف هذا العالم أن مركبات اليورانيوم تنبعث منها باستمرار أشعة لها قوة النفاذ خلال الخشب والورق وغيرهما من المواد المعتمة ، كما تؤثر في الألواح الفوتوغرافية بطريقة تشبه الطريقة التي تؤثر بها أشعة أكس فيها ....
تلك التي اكتشفها العالم الألماني رونتجن قبيل ذلك بفترة وجيزة ..
وصحيح أن ظاهرة النشاط الإشعاعي قد اكتشفها " بكريل " ، إلا أن مدام كوري وزوجها قتلاها بحثاً واستقصاء ..
وفي عام 1930 م منحا بالإشتراك مع " بكريل " جائزة نوبل ...
....المــــــــــادة.... تتكون المادة من مجموعة من العناصر الكيميائية ، لكل منها خواصه الفيزيائية والكيميائية المتميزة .. ويتكون كل
عنصر من وحدات متناهية في الصغر تسمى الذرات .. وتتماثل ذرات العنصر الواحد تماماً ، بينما تختلف هذه
الخصائص من ذرة عنصر لأخر ..
والتركيب الداخلي لذرة عنصر ما ، يلعب دوراً مهماً في تحديد خواص وصفات ذلك العنصر .. كما أن توزيع
الإلكترونات حول النواة ، وهو ما يعرف بـ " السحابة الإلكترونية " هي التي تحدد فاعلية ذلك العنصر ، ونوعية
التفاعلات الكيميائية التي يمكن أن يشترك فيها ..
وتحتوي أنوية العناصر على نفس العدد من البروتونات إلا إنها تحتوي على أعداد مختلفة من النيوترونات
وتدعى بـ " النظــائر "
والخواص الكيميائية لنظائر العنصر الواحد ثابتة ، بينما تختلف فيما بينها من حيث سلوك أنويتها ...
فبعضها تكون أنويتها مستقرة حيال الانحلال بالإشعاع وتسمى " النظائر المستقرة " وبعضها تنحل أنويتها
بإصدار بعض محتوياتها من النويدات أو الأشعة الكهرومغناطيسية وتسمى " النظائر المشعة " ..
والنظائر المشعة هي مواد غير مستقرة ، حيث تتحل وينبعث منها إشعاعات مختلفة ، ويبقى العنصر مشعاً حتى